موضوع: الشهيد فضل شناعة رحمة الله الأحد يوليو 27, 2008 6:53 am
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
/// فضل شناعة ///
كان يحتضنها بقوة ، يخبئها بين ذراعيه، هاربا بين الدم والرصاص ، وأشلاء الأطفال المبعثرة ، ممتشقا خوذته المعدنية و درعه الواقي .
هو كان يعلم أن الموت يجاوره في كل لحظة، لكنه لم يكن يعلم أنها هي من ستكون شاهدا علي موته ، بعد أن ترجل من سيارة " وكالة رويترز للأنباء " ، حاملا الكاميرا علي كتفه .. لتلتقط الصور الأخيرة لفضل ، والتي باتت دليل إدانة علي استهداف كل ما يحمل شارة " PRESS " أو حرفي T.V. .
فقد كان المشهد الأخير لكاميرا المصور شناعة يرصد دبابة احتلالية في منطقة جحر الديك ، قبل أن ترصده الدبابة ، و يعم السواد بقية المشهد .
درع ممزقة ،لم يتبقي منه سوى حروف صريعة ، كاميرا غارقة بدماء صاحبها ، و جسد مفتت انغرست فيه شظايا قذيفة ، صراخ و بكاء .. لفاجعة لم يستوعبها أحد من زملاء المهنة الذين تناثرت علي ملابسهم دماء المصور شناعة، بعدما بقيت كاميراتهم تبكي بهذيان أمام بقايا جسده .
لم تكن هذه المرة الأولي التي تستهدف بها كاميرا شناعة ، لكنها كانت المرة الأخيرة ، ففي المرة السابقة قدر له أن ينجو بأعجوبة خلال اجتياح لحي الشجاعية قبل عام ونصف ، بعد أن استهدفت الطائرات سيارة صحفية مدرعة كان يستقلها أثناء تغطيته الميدانية للاجتياح.
لم يترك الكاميرا إلا حين سقط و لفظ أنفاسه الأخيرة ، وسقطت الكاميرا شهيدة ، تقطر بدماء صاحبها .
ثلاثة سنوات مضت علي عمل شناعة كمصور لحساب وكالة رويترز للأنباء ، ثلاثة سنوات بعد أعوامه العشرين أثبت فيها شجاعته ووفاءه للمهنة ، ثلاثة سنوات .. كانت قصة عشق أبدية بين شناعة و الكاميرا ، حتى أنها كانت الشاهد الأخير علي موته ، محتفظة بآخر ما رأته عيناه قبل أن تغمض أجفانه للأبد .
ملامح الصدمة والغضب كانت واضحة علي كل زملاء المهنة ، الذين هتفوا خلال تشييع شهيد الصورة فضل : " اكتب كلمة وارسم صورة، بالروح بالدم حنكمل المسيرة" ، حاملين نعشه بين الورود و الأعلام و الصور حيث نقل جثمانه الملتف ببقايا سترته الواقية إلي برج الشروق ، ليودعه زملاءه في مكتب رويترز ، بعد أن اتشحت سيارات الصحافة بالسواد ، وتعالت أصوات الصحفيين بالبكاء و النحيب وهم يودعون زميلهم ألي مثواه الأخير في مسقط رأسه خانيونس ، بعد أن رافقوا دوما أحاديثه و ضحكاته و قاسموه الدموع أمام مشاهد الدم و الدمار حاملين نعشه و نعش كاميرته الشهيدة .