Admin Admin
المساهمات : 189 تاريخ التسجيل : 26/07/2008
| موضوع: حت نفهم صواريغ القسام الأحد يوليو 27, 2008 6:48 am | |
|
يخطئ التحليل كل من يعتقد أن صواريخ القسام صنعت لتكافئ عدد القتلى الإسرائيليين بأعداد الشهداء الفلسطينيين بالدرجة الأولى، ومخطئ في التفكير، كل من يعتقد أن المقاومة أقدمت على صنع الصواريخ لتحاجج بها الصواريخ التقليدية أو تنافس اسمها وحضورها في عالم الحرب .. وكذا كل من يقارن أثرها على الأرض بأثر الصواريخ والمدفعية الإسرائيلية، وبالتالي يطالب بوقفها على قاعدة "انعدام التكافؤ التفجيري".
من قال إن حماس تصنّع الصواريخ لتصل إلى مرحلة "الردع العسكري المكافئ"، فالكيان الصهيوني يمتلك ترسانة عسكرية متخمة النوع والعدد، وهذا تعرفه فصائل المقاومة جيدا، ولديه ساحة عسكرية خلفية اسمها الولايات المتحدة الأمريكية، ومن ثم يغدو الحديث عن تصنيع الصواريخ لإيجاد تماثل عسكري، أقرب إلى التضليل.
ثمة حاجة ماسة لتصحيح الرؤى التي تقول إن ميزان الكسب أو الخسارة في الحروب، تحدده نسب القتلى بين الجنود أو المستوطنين (أو الشهداء) فقط، من يتبنى هذا الفهم عليه دراسة (ألف باء الحرب) من جديد، هناك مفاهيم للربح العسكري، وهناك محددات أخرى، تفوق لغة أرقام القتلى، فحزب الله بعدد القتلى "خسر"، لكنه بمحددات الحرب الكلية "انتصر"، بشهادة فينوغراد، والثورة الجزائرية قدمت مليون شهيد لقاء عدد غير متكافئ أبدا من العسكر الفرنسيين، لكنها بمحددات المعركة الكلية، كسبت، والثورة الكوبية فعلت وخسرت وكسبت، والثوار الفيتناميون والصوماليون لم ينهشوا من أجساد المارينز ودمائهم بقدر الإثخان العسكري الأمريكي فيهم، لكنهم بالمعادلات الكلية، كسبوا المعركة وانتصروا.
دعونا نقترب أكثر من غاية وأهداف إطلاق الصواريخ، ثم دعونا نحدد دوافع ومنطلقات تصنيعها، حتى ندرك عن قرب، لماذا وجدت، ولماذا تُستعمل، رغم الفارق الشاهق بين فعلها والفعل الإجرامي الصاروخي الصهيوني على الأرض.
* ماذا تهدف المقاومة من وراء إطلاق الصواريخ:
أولا: الصواريخ اخترقت أسوار وجدر العدو الأمنية والالكترونية وحواجزه العسكرية التي ينفق عليها وعلى تطويرها الملايين، بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وتحييدها بالكامل عن ساحة المعركة والاستخدام.
ثانيا: نزع الإحساس بالأمن والسلامة والسكينة من نفوس من يعتقدون أنهم في مأمن من سكان البلدات المحتلة القريبة في أراضي 48، وهو سلاح حساس جدا، فالمقاومة هنا، تلغي منظومة الجيش الذي لا يقهر في نفوس الإسرائيليين، التي كانت تبث فيهم روحا معنوية كبرى في التشبث بالأرض المحتلة ورفض تركها (الوصول القريب جدا من معادلة توازن الرعب).
ثالثا: وصول الصاروخ المقاوم بحرية لقلب البلدات القريبة، يجمد عروق التمدد السكاني الاستيطاني، ويستنزف أية مشاريع استثمارية أو بنى تحتية مستقبلية، ويشلها بالكامل، فهي مهددة كل وقت وكل حين، بالتالي يحيل الصاروخ مخططي هجرة اليهود العالمية لفلسطين وتسكينهم في الجنوب على التقاعد.
رابعا: تشحن صواريخ المقاومة معنوية الشعب الفلسطيني المكلوم، وترفع إمكانية تطويرها من عزيمة المقاومين، وتحمس صنّاعها إلى مزيد استعداد وتطوير، وكل ذلك يصب في خانة الصمود أمام آلة الحرب الإسرائيلية.
خامسا: الزيادة المضطردة لمسافات الصواريخ، بدأت تشكل هاجسا حقيقيا وعبئا أمنيا وماليا كبيرا على الميزانية الإسرائيلية، بالنظر للخشية من إمكان وصولها لأهداف ومنشآت عسكرية وحيوية هامة، وبالتالي رصد الميزانيات لتحصين تلك المواقع أو نقلها أو إيجاد طرق دفاع عنها.
سادسا: بعد أكثر من 5 أعوام على ظهور صواريخ القسام، ما زال جيش الاحتلال الإسرائيلي يقف عاجزاً أمامها، رغم ترسانته العسكرية، وخبرته التكنولوجية، وقبضته القوية، وعشرات العمليات التي نفذها لوقف الصواريخ، وهو ما يقوض نظرة الإعجاب ومقولة الجيش الذي لا يقهر في عيون الإسرائيليين أنفسهم، بل وينخر في جدار المعنوية العالية، التي يقال إن الجندي الإسرائيلي يشحن بها داخل المدارس العسكرية على الدوام.
سابعا: كسرت صواريخ القسام خطط الكيان الصهيوني العسكرية، ووضعت المؤسسة العسكرية ومنظري الحروب وسدنة المجازر والإجتياحات في مربع حرج أمام جنودهم وشعبهم، فلم تفلح اجتياحات وخطط: أيام الندم وحقل الأشواك وجهنم المتدحرجة ورحلة بالألوان والمسار الحازم وفارس الليل وقوس قزح والسهم الجنوبي والطريق الحازم وأول الغيث وغيوم الخريف .. في وقف انبعاث الصواريخ أو تصنيعها أو تطويرها.
ثامنا: وصول الصواريخ، يعطي إشارة حمراء في ذهنية المؤسسة العسكرية والأمنية والسياسية الإسرائيلية، أن هناك من يفكر على الدوام بتغيير معادلات المعركة، لا نقول صوب التكافؤ، لكن صوب استنزاف خواصر طرية وغرس شوكة جديدة في ظهر العدو تماما، كما يفعل مصارع الثيران عند إيغال رمحه في ظهر الثور العنيد بداية الجولة.
ثمة العديد من الدوافع التي تنطلق منها المقاومة الفلسطينية في استخدام هذه الصواريخ، من أبرزها:
أولا: انعدام الدعم العسكري العربي للمقاومة، فدول كبرى تشكل مساحات الطوق الجغرافي مع الكيان الغاصب، خرجت من حلبة الصراع، بتوقيع معاهدات سلام (الأردن ومصر)، والإجماع العربي اختار طريق التسوية طريقا وحيدا لا رجعة عنه، وبالتالي أصبح إمداد السلاح من أراضي تلك الدول للمقاومة جريمة يعاقب عليها القانون، فلم يبق للمقاومة من بد إلا الاعتماد على ذاتها.
ثانيا: استخدام العدو الصهيوني آخر ما توصلت إليه أدوات الفتك العسكري بالبشر والشجر والحجر، ما أدى إلى زيادة بشاعة وأعداد حجم الجرائم بحق الشعب الفلسطيني بصورة مكثفة ومتصاعدة، وبكلفة أرواح بين جنوده أقل، وبالتالي احتاجت المقاومة أمام تطور لغة الحرب الصهيونية، إلى رفع مستوى أساليبها وأدواتها لتلائم طبيعة المرحلة.
ثالثا: أهمية إشعار العدو الصهيوني أن المقاومة الفلسطينية في حالة تطور مستمر، ولديها عدة خيارات موجعة، بالإمكان استخدامها في الوقت والزمان المناسبين، وتملك عقولا عسكرية لإحداث نقلات نوعية في أدوات المواجهة.
رابعا: إبقاء جذوة المقاومة مشتعلة، واجب ديني ووطني، ما يدفع المقاومين لاستثمار كل الوسائل، ومن ضمنها الصواريخ، لإنهاك قدرات العدو واستنزافه.
إن الأثر الكبير لفاعلية الصواريخ، يمكن تلمسها عن قرب من خلال مقالات وتحليلات الإسرائيليين أنفسهم، ولعل الاقتراب من لغة الأرقام التي تنشرها الصحف الإسرائيلية، يفتح مجالا أمام المراقب لقراءة تقترب من الأهداف الفعلية والبعيدة، التي رسمتها المقاومة لإطلاق الصواريخ، فصحيفة معاريف الإسرائيلية، قالت إن صورايخ القسام التي أُطلقت عام (2007م) فقط، تسببت في خسائر مالية كبيرة للمصانع والشركات والمستوطنات، قُدِّرت بشكل مبدئي في مستوطنتين، بأكثر من عشرة ملايين دولار، وقدرت الأجهزة الأمنية للاحتلال الكلفة الأولية لتحصين المباني في المستعمرات المحاذية لقطاع غزة، بأكثر من واحد وعشرين مليون دولار أمريكي.
لقد دفعت صواريخ المقاومة، التي وصلت عسقلان، وزارة الحرب الإسرائيلية إلى فتح كراسات جديدة بشأن التكاليف الكبيرة التي ستنفق على تطوير "منظومة أسلحة لإسقاط الصواريخ"، والتي تصل إلى مليار شيكل، فضلاً عن تكاليف إطلاق كل صاروخ لإسقاط القسام، وتتراوح ما بين 50 ـ 100 ألف دولار، والتي كما قال ألمرت لن تكون جاهزة قبل عام 2010م.
إن استحضار عظم الأثر الذي رسمه المقاومون لفاعلية الصواريخ منذ الانسحاب من غزة في سبتمبر 2005م، يمكن تلمسه كذلك من ردة الفعل التي نشاهدها على شاشات التلفاز والفضائيات من مجازر وفظائع إسرائيلية، فصاروخ عسقلان الأخير ـ الذي سقط قبل مجازر غزة ـ لا بد وأنه شكل إنذاراً ساخناً للدوائر الأمنية، التي تصف المدينة بـ "الإستراتيجية"، لاحتوائها على أكبر محطة توليد طاقة تابعة لشركة الكهرباء، ومحطة "كتسا"، التي يخزن فيها الوقود والغاز.
"الآن يستصرخ الجميع لتحصين سديروت.. وربما يكون هذا جيداً.. لكنه ليس حلاً... بعد أن ينفقوا مئات الملايين على تحصين سديروت، سيضحك أفراد حماس الذين امتصوا نخاعنا ومالنا، وينتقلون إلى قصف بلدات ومدن أخرى في مدى الصواريخ في النقب... ماذا سنفعل؟ هل سنحصنها أيضاًً إلى أن نصل إلى الإفلاس؟"، هذا ما قاله "إيـتان هابر"، رئيس ديوان إسحاق رابين سابقاً في مقـالة نشـرتها صحـيفة هـآرتس، تحت عنوان "الحقيقة لا يوجد حل
| |
|